recent
أخبار ساخنة

تيك توك خلف القضبان: من "الترند" إلى التُهم… كيف تحوّلت شهرة البلوغرز إلى لعنة؟



تيك توك خلف القضبان: من "الترند" إلى التُهم… كيف تحوّلت شهرة البلوغرز إلى لعنة؟

في زمن أصبحت فيه ضغطة زر كفيلة بأن تنقل شخصاً من عالم الظل إلى الشهرة، لم يتخيل أحد أن نهاية بعض من صنّاع المحتوى ستكون داخل الزنازين، أو على الأقل في مكاتب التحقيق، بتُهم تتراوح بين خدش الحياء وغسيل الأموال والتحريض على الفسق والفجور. ما حدث مؤخراً في مصر، من إلقاء القبض على أسماء شهيرة في عالم "الترند"، وعلى رأسهم "أم مكة"، و"أم سجدة"، و"مداهم"، و"سوزي الأردنية"، و"مروة يسري"، أعاد فتح ملف "مشاهير السوشيال ميديا"... ولكن من زاوية لا تحمل لا فلاتر تجميل ولا رقصات التيك توك... بل قيوداً وتحقيقات واتهامات جنائية.


1. الحملة الأمنية: السوشيال ميديا لم تعد ملاذاً آمناً

في بيان واضح وقوي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن حملات أمنية موسعة ضد صنّاع محتوى على منصة "تيك توك" بتهم تتعلق بـ"الخروج عن الآداب العامة" و"نشر محتوى خادش للحياء". لم يكن الأمر صدفة أو مجرد رد فعل على مقطع هنا أو بث هناك، بل جاء بعد تلقي عدد كبير من البلاغات من مواطنين ومحامين مصريين يطالبون بمحاسبة هؤلاء الذين - حسب تعبيرهم - "يسيئون إلى المجتمع ويشجعون على الانحراف".

واحدة من أبرز عمليات القبض كانت ضد صانع محتوى شهير يدعى "مداهم"، وُصف بأنه أحد أخطر من نشروا محتوى مسيئاً على السوشيال ميديا، حيث عُثر بحوزته على مبالغ ضخمة بالعملات المحلية والأجنبية، ومشغولات ذهبية، ومواد مخدرة مثل الحشيش والأفيون، واعترف خلال التحقيقات بأن هدفه كان زيادة المشاهدات وتحقيق أرباح ضخمة، حتى لو كان ذلك على حساب القيم والأخلاق.


2. "أم مكة" و"أم سجدة": من الضحك والدراما إلى قائمة المتهمات

ومن الأسماء التي أثارت جدلاً واسعاً، "أم مكة" التي كانت تنشر محتوى يبدو ظاهرياً بريئاً أو فكاهياً، لكنه في طياته يحمل الكثير من الإيحاءات والتلميحات التي لا تليق بالمجتمع المصري المحافظ، وفق ما قاله البلاغ. أما "أم سجدة"، فكان محتواها أكثر جرأة واستفزازاً، حيث اشتهرت بمقاطع مثيرة للجدل و"تحريض على الفجور"، كما تواجه أيضاً تُهمة "الابتزاز الإلكتروني"، بعدما ثبت استخدامها للبث المباشر لاستدراج المراهقين واستغلالهم مادياً.


3. "سوزي الأردنية": اسم غير مصري… لكن التأثير مصري جداً!

في مفاجأة غير متوقعة، أُلقي القبض أيضاً على "سوزي الأردنية"، وهي صانعة محتوى من خارج مصر، لكنها تستهدف جمهوراً كبيراً من المراهقين المصريين بمقاطع خادشة للحياء عبر البث المباشر. القبض عليها يشير إلى أن الحدود الجغرافية لم تعد عائقاً، وأن كل من يؤثر سلباً على المجتمع المصري عبر الإنترنت أصبح هدفاً مشروعاً للحملات الأمنية.


4. "مروة يسري" وفضيحة وفاء عامر: حين يتحول اليوتيوبر إلى مصدر شائعات

ربما واحدة من أكثر القصص المثيرة للجدل كانت مع صانعة المحتوى "مروة يسري"، التي خرجت في فيديو تتهم فيه الفنانة الكبيرة "وفاء عامر" بالتورط في قضايا تجارة أعضاء بشرية! الاتهام الصادم والمجرد من أي دليل لم يمر مرور الكرام، فقد سارعت الفنانة وفاء عامر بتقديم بلاغ رسمي إلى النائب العام، مطالبة بمحاكمة من نشر هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة. هذه الواقعة سلطت الضوء على كيف تحوّل بعض من يسعون وراء "الترند" إلى ناقلي إشاعات خطيرة تهدد سمعة الأشخاص وأمن المجتمع.


5. القانون حاضر: المادة 25 من قانون جرائم الإنترنت ليست مجرد حبر على ورق

اللواء خالد حمدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، صرّح بشكل واضح أن الضبط الإعلامي لهؤلاء "المشاهير" هدفه ليس فقط العقاب بل الردع العام، وأن القانون المصري، وتحديداً قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، يتعامل بصرامة مع أي محتوى يهدد القيم الأسرية أو يخدش الحياء العام. وينص هذا القانون على الحبس والغرامة لكل من ينتهك خصوصية الأفراد أو يبث محتوى غير لائق.


6. غسيل أموال؟ الموضوع أكبر من مجرد فيديوهات سخيفة!

المفاجأة الأكبر في التحقيقات، كما جاء على لسان اللواء حمدي، هي اكتشاف تحويلات مالية ضخمة قادمة من خارج مصر إلى حسابات بعض هؤلاء "المشاهير"، الأمر الذي فتح باب الشكوك حول إمكانية تورطهم في عمليات غسل أموال أو حتى تلقي تمويلات غير مشروعة تستهدف زعزعة المجتمع المصري. هذه الأبعاد الأمنية والاقتصادية تعطي القضية ثقلاً أكبر بكثير من مجرد "محتوى مسيء".


7. المحامون ينتفضون: "الترند" لا يحمي من المحاسبة

المحامي بالنقض "أشرف فرحات" كان من أبرز من قادوا الحملة القانونية ضد هؤلاء البلوغرز، حيث تقدم مع مجموعة من المحامين بعدة بلاغات موثقة ضد مشاهير "تيك توك"، مؤكداً أن السعي وراء الترند والأرباح جعل البعض يفقد عقله ويتخطى كل الخطوط الحمراء. وقالها صراحة: "هؤلاء أصبحوا قدوة سيئة للشباب، وكان يجب إيقافهم".


8. المجتمع ينقسم: بين المؤيدين للحملة… والمدافعين عن "الحرية"

بينما أيّد الكثير من المواطنين هذه الحملة التي وصفوها بـ"التطهيرية"، واعتبروها خطوة نحو إنقاذ الأجيال القادمة من التأثير السلبي للمحتوى الهابط، رأى البعض أن ما يحدث هو تضييق على الحريات الشخصية والإبداع، مطالبين بتقنين المحتوى بدلًا من ملاحقته أمنيًا.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما يقدمه هؤلاء يدخل ضمن "الإبداع"، أم أنه إسفاف وتعدٍّ على الأخلاق المجتمعية؟ خصوصًا حين تتحول المقاطع من مجرد "تحديات راقصة" إلى مشاهد وإيحاءات لا تليق بأي منصة عامة، ناهيك عن جمهورها من الأطفال والمراهقين.


9. تيك توك في الميزان: هل تراجع التطبيق عن مسؤوليته؟

تيك توك، المنصة الصينية الشهيرة، أصبحت المتهم غير المباشر في كل ما يجري. ورغم أنها قامت خلال السنوات الماضية بعدة حملات لحذف الحسابات المخالفة، إلا أن ضعف الرقابة وقوة خوارزميات الترويج للمحتوى المثير للجدل جعلت من تيك توك بيئة خصبة لصعود هؤلاء. فهل ستتخذ المنصة خطوات جادة بعد هذه الحملة؟ أم ستظل تستفيد من ملايين المشاهدات بصرف النظر عن مصدرها؟


10. النهاية… أو البداية؟

ما جرى في الأيام الماضية هو ليس فقط سلسلة من الاعتقالات، بل لحظة فارقة قد تعيد تشكيل العلاقة بين السوشيال ميديا والمجتمع المصري. من كان يظن أن رقصًا على أنغام "ترند" قد ينتهي بصاحبه خلف القضبان؟! لقد تغيرت المعادلة: من يريد الشهرة، فليتحمل مسؤوليتها… ومن يريد المال، فليجنِه من طرق مشروعة.

السؤال الآن ليس فقط عن من تم القبض عليهم، بل عن الذين ما زالوا خلف الشاشات يجهزون لـ"الترند" التالي… هل فهموا الدرس؟ أم أن هناك حلقات جديدة من مسلسل الشهرة المسمومة قادمة؟


ختامًا
في عالم يُقاس فيه التأثير بعدد المتابعين، يجب أن يعود الميزان للقيم والمبادئ. ليس كل ما يُنشر يستحق أن يُحتفى به، وليس كل من نال شهرة هو نموذج يُحتذى. تيك توك قد يكون منصة للضحك، لكنه ليس عذرًا للتسيب. ومن يعبث بالنظام الأخلاقي باسم "الترند"، فليعلم أن هناك قانونًا يقف له بالمرصاد.


google-playkhamsatmostaqltradent