recent
أخبار ساخنة

تعاطف الرأي العام مع الجاني: كيف ساهم الإعلام في تشكيل هذه الظاهرة في المجتمع المصري؟

تعاطف الرأي العام مع الجاني: كيف ساهم الإعلام في تشكيل هذه الظاهرة في المجتمع المصري؟


مقدمة: في الآونة الأخيرة، ظهرت ظاهرة لافتة للانتباه في مصر، وهي تعاطف البعض مع الجناة في قضايا الجرائم، خاصةً أولئك الذين يظهرون في الإعلام أو الدراما بشكل يثير الشفقة. هذه الظاهرة لم تعد محصورة في أفراد بعينهم، بل امتدت لتؤثر على الرأي العام. ومن أبرز الأمثلة التي أثارت الجدل مؤخراً هو "محمد محسوب"، الملقب بـ"خُط الصعيد الجديد"، الذي أصبح حديث الساعة بعد مداهمة أمنية أدت إلى تصفيته. ولكن، ما الذي أدى إلى تعاطف بعض المواطنين معه، وكيف ساهم الإعلام في تعزيز هذه الظاهرة؟


الإعلام وتأثيره في تشكيل الرأي العام: الإعلام له دور كبير في تشكيل تصورات الجمهور حول الجريمة والجناة. عندما يظهر المجرم في صورة الضحية، تنشأ حالة من التعاطف، سواء عبر مقاطع الفيديو أو البرامج التليفزيونية. "محمد محسوب" كان أحد هؤلاء الذين استغلوا الإعلام للترويج لروايته الخاصة. ففي مقطع فيديو ظهر فيه وهو يبرر تصرفاته، لاقى دعمًا من بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين رأوا فيه ضحية لنظام قمعي. هذا النوع من التغطية الإعلامية قد يؤدي إلى تقديم الجاني في صورة أقل قسوة مما هو عليه، وهو ما يخلق حالة من التضامن مع المجرم بدلاً من الضحية.


تأثير الدراما على الرأي العام: الدراما المصرية أيضًا تساهم بشكل كبير في تكوين فكرة عن الجناة. بعض الأعمال الدرامية تركز على تسليط الضوء على حياة المجرمين، وتعرض لهم قصصًا تبرز مأساتهم الشخصية أو الأسرية، مما يجعل الجمهور يشعر بالتعاطف تجاههم. على سبيل المثال، عندما يتم تصوير المجرم على أنه شخص ذو قلب طيب في إطار الحب أو الرغبة في التوبة، فإن ذلك يعزز فكرة أن كل مجرم لديه فرصة للتغيير. هذا النوع من المعالجة الدرامية يشجع الجمهور على النظر إلى الجاني بنظرة أكثر تسامحًا.


الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي: تأثير الإعلام التقليدي لا يقتصر فقط على البرامج أو الدراما، بل يمتد أيضًا إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تمنح الأفراد منصة لنشر أفكارهم وآرائهم. بعض الأشخاص الذين يرتكبون جرائم يلجأون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لعرض أنفسهم كضحايا. في هذه الحالة، قد يساهم الجمهور في نشر هذه الروايات، مما يؤدي إلى تضخيم صورة الجاني. "محمد محسوب" مثلًا، نشر مقاطع فيديو أثناء اختبائه، وتفاعل معه العديد من الأشخاص الذين كانوا يدافعون عن حقه في التعبير عن نفسه.


دور الإعلام في التوعية ومكافحة الظاهرة: من الأهمية بمكان أن تلعب وسائل الإعلام دورًا فاعلًا في محاربة هذه الظاهرة. لا بد من أن تركز التقارير الصحفية على توعية الجمهور بالعواقب القانونية للأفعال الإجرامية، بدلاً من منح الجناة منصات لعرض مبرراتهم. علاوة على ذلك، يجب على وزارة الداخلية تكثيف جهودها في مراقبة وتوجيه الأنظار بعيدًا عن تلك المقاطع التي تروج للعنف.


خاتمة: تعاطف الرأي العام مع الجاني هو ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتحليل أعمق، ويجب على المجتمع ككل أن يكون أكثر وعيًا بمخاطر هذه الظاهرة. الإعلام يمكن أن يكون له دور إيجابي في تقديم الحقائق ونشر الوعي، كما يجب أن يتحلى بحس المسؤولية لتجنب تقديم الجناة في صورة تثير الشفقة. ويجب على المواطنين أن يتبصروا بين الحقيقة والتمثيل الإعلامي، وألا ينجرفوا وراء القناعات المضللة.



google-playkhamsatmostaqltradent